تشهد أوروبا و العالم العربي في الآونة الأخيرة اهتماما متزايدا بالأدب اللاتيني أو الروماني. و لعل مرد ذلك هو مرور فترة انكب فيها الباحثون على الأدب الإغريقي درسا و إعجابا على حساب نظيره الأدب اللاتيني.
و لطالما ظلم الأدب اللاتيني باعتباره تقليدا أعمى لروائع الإغريق أو نسخة باهتة عنها. و لكننا إذا عدنا إلى مسار التاريخ و تطور الحضارة الأوروبية وجدنا أن الأدب اللاتيني قد سبق الأدب الإغريقي إلى التغلغل في جوهر هذه الحضارة حيث أصبح من مقوماتها الرئيسية. فالنهضة الأوروبية الحديثة لاتينية أكثر منها إغريقية.
و عن طريق المؤلفات اللاتينية شق الأدب الإغريقي طريقه إلى أوروبا الحديثة ، و ما أن اكتشف الأوروبيون روائع الإغريق حتى انكبوا عليها ، و جاء ذلك على حساب الأدب اللاتيني ، و ظل الأمر هكذا حتى القرن الثامن عشر. أما في القرن العشرين فقد تعادلت الكفتان ، و لم يعد الناس ينظرون إلى الأدب اللاتيني على أنه تذليل أو ملحق للأدب الإغريقي ، إذ اكتشف الدارسون المدققون و المتذوقون للجمال قيما فنية خاصة و مستوى رفيعا من الإتقان في نصوص الأدب اللاتيني سواء في عصوره المبكرة أو عصره الذهبي أو الفضي.
و بالنسبة لنا نحن العرب فلا ينبغي أن ينسى أن الامبراطورية الرومانية هي التي واجهها العرب المسلمون بحضارتهم الناشئة و المنتشرة في أنحاء المعمورة. و مواطن الاحتكاك المعروفة يذكر منها الشام ، و مصر ، و شمال افريقيا ، و الأندلس ، و صقلية. في هذه المناطق تمت المواجهة الحضارية و الأخذ و العطاء بين العربية و الإغريقية و اللاتينية. و قد ترجم العرب بعض مؤلفات الإغريق إلى العربية. و تحتل هذه الترجمات العربية مكانة رفيعة في الدراسات الكلاسيكية الأوروبية و العالمية ، حتى أن هذه الترجمات قد ترجمت إلى اللغة اللاتينية.
كل ذلك يوضح ماذا يعني الأدب اللاتيني و لغته بالنسبة إلينا