ظهرت القومية في موسيقى القرن الماضي كرافد من روافد الرومانسية أثرى لغة الموسيقا الغربية، و واكب حركة التحرر السياسي، فكان وسيلة لتأكيد الهوية الثقافية لشعوب عاشت على هامش الموسيقا الغربية من قبل. وقد أثبتت القومية قدرتها على البقاء و التفاعل مع انجازات القرن العشرين الموسيقية بل امتدت فيه إلى شعوب أخرى أكثر بعداً عن مركز الإشعاع الفني للموسيقا الغربية. و برزت المعاصرة من القومية الموسيقية كاتجاه رشيد متعقل يستند إلى جذور محلية يلوذ بها الإنسان المعاصر بحثاً عن ذاته و تأكيداً لهويته وسط هذا الخضم. و سقطت الحواجز و ازداد تقارب العالم موسيقيا كما تقارب مادياً. فانبهر العالم بجرأة باليهات سترافنسكي الروسية، و بأسلوب بارتوك المتفرد في رسوخه في موسيقا الفلاحين، و شقت مؤلفات خاتشاتوريان طريقها إلى قاعات الموسيقا في العالم كله، و اقترب المستمعون من روح الأندلس بموسيقا دي فاليا، و لمع اسم رومانيا موسيقياً من خلال مؤلفات إنيسكو، و احتلت تشيكوسلوفاكيا مكاناً مرموقاً في الأوبرا القومية المعاصرة بأوبرات ياناتشيك، و سمع صوت متميز في بريطانيا في موسيقا فون وليامز و هولست وبريتن… و ترامت إلى أسماعنا نبرات شرقية جديدة من أذربيجان في مؤلفات حاد جيبكوف و كارا كارييف، و من جمهوريات آسيا الوسطى، و لفتت أنظارنا أنغام غربية شائقة آتية من قارة بعيدة في موسيقا فيلالوبوس البرازيلي، و شافيز المكسيكي و جيناستيرا الأرجنتيني