لدى محاولتنا حل المشكلات المرعبة التي نواجهها في عالم اليوم، نتوجه بطبيعة الحال إلى الأشياء التي نحسن أداءها فنتصرف من منطلق القوة، وقوتنا هي العلم والتكنولوجيا. وسواء كان أو لم يكن بإمكان الإنسان توقع الخراب، فإن عليه إصلاحه وإلا ضاع كل شيء. وبمقدوره أن يقوم بذلك إذا أدرك طبيعة الصعوبة.
إن تطبيق العلوم الفيزيائية والبيولوجية وحده لن يحل مشكلتنا، لأن الحلول تكمن في ميدان آخر، ما نحتاجه هو تكنولوجيا للسلوك. غير أن تكنولوجيا السلوك التي يجب أن تضاهي في القوة والدقة التكنولوجيا الفيزيائية والبيولوجية غير موجودة، ومن يظنون أن قيام هذه التكنولوجيا أمر ممكن وليس أمرا مضحكا وسخيفا، قد يصابون بالهلع أكثر مما يشعرون بالطمأنينة. وهذا يدل على مدى بعدنا عن "فهم القضايا الإنسانية" بالمعني الذي تفهم به الفيزياء والبيولوجيا ميادينها، ويدل كذلك على مدى عجزنا عن منع الكارثة التي يبدو أن العالم يتجه نحوها بشكل محترم