بعد أربعة عقود أترك مدنَ المنفى ورائي و أزيحها من ذاكرتي، و أعود للمدينة أ لاولى، قابضاً بأعصابي على مقعد السيارة، وبذاكرتي على تلك المدينة، لأراها بعين الحا ضر. أدخل وجلاً من ثلاثة مخاوف انتظاري: النسيان، اللوم والموت. لن يعرفني الناس في المدينة بعد هذا الغياب، فقد هجر المدينة أبناؤها القدامى إلى بغداد، مغادرين مدينة الكلام إلى مدينة النقود، وسيلومني الباقون لأنني تركتهم في أيام الفجيعة وأعود متأخراً، حين لم يبق غيرالرماد والجنائز. أعبرُ الفرات وبساتينه دون أن أرى شيئاً لأن عيني تترقبانِ مثل كل زائر لمعة القباب الذهبية. قبل أن أراها أطرح السؤال العصي: لمَ هناك وليس هنا ؟