«مَا كِدتُ أَدلِفُ إِلى القِسمِ ومَعِي الحَرسُ حتَّى أَحسَستُ بِانقِباضٍ مُفاجِئ، لَمْ تَكنْ تِلكَ أَوَّلَ مَرةٍ أَدخُلُه، ولَكِنَّها كَانَتِ المَرةَ الأُولَى التِي أَرَى القِسمَ فِيها فِي اللَّيل.»
لكلٍّ مِنَّا عالَمُه الذِي يَعِيشُ فِيه، عالَمٌ تَستَحِيلُ فِيهِ مُعاناتُنا إلَى قَضَايا كُبْرى وتُصبِحُ مِحوَرًا للكَوْن، عالَمٌ نَرى مِن خِلالِه، ولا نُرَى إلَّا بِه، وكَذلِكَ اسْتَطاعَ الصول فَرَحات أنْ يَصنَعَ جُمهُورِيتَه/إمْبِراطُورِيتَه الخاصَّةَ التِي يُسَيطِرُ فِيها — ولَوْ لِوَقتٍ قَصِير — عَلى مَجْرَياتِ الأُمُور؛ يَسألُ فيُجَاب، يَأمُرُ فيُطاع، صوْتُه مَصدَرُ الخَوْف، نَظْرَتُه تَحمِلُ في كَنَفِها الرَّهبَةَ والرَّغبَةَ فِي آنٍ واحِد. عَبْرَ عِبارةٍ جَزْلَةٍ وسَلاسَةٍ فِي الحَكْي، جَمَعَ يوسف إدريس فِي مَجمُوعَتِه هَذهِ قِصَصَ: «الطَّابُور»، وَ«رَمضَان»، وَ«قِصَّة حُب»، و«جُمْهُورِيَّة فَرَحات»، الَّتي عَنوَنَ بِها كِتابَه.