«لم يستمدَّ كامي فكرته عن المُحال من مَرجعٍ ولا كتاب. لقد بدأ الإحساسُ بمُحاليَّة الوجود الإنساني يَتسلَّل إلى قلبه وهو بعدُ طفلٌ صغير. كانت مجموعة من الصور الأساسية الواضحة — كما يُسمِّيها بنفسه — نبعَت من عالَم طفولته، وعلَّمَته كيف يَتجرَّد من الوهم، والتعوُّد، ويُواجِه لغزَ الحياة والموت بكل ما فيه من غرابة وقسوة وإعتام.»
يَتفرَّد «ألبير كامي» بمكانةٍ خاصة بين فلاسفة فرنسا في القرن العشرين؛ حيث إن فلسفتَه العبَثية، وأعماله الأدبية، ومَواقفه الإنسانية، ومُناداته بالعدل والحرية؛ جعلَت منه آخِرَ خلفاء «شاتوبريان»، وأكثرَهم موهبة، على حدِّ قولِ «سارتر»، كما جعلَت الفلاسفةَ في الشرق والغرب يَعكُفون على دراسته، ومنهم الفيلسوف الكبير «عبد الغفار مكاوي» الذي أَولاه عنايةً خاصة، وراح يَستخرج اللحظات الفلسفية في فكره، ويعرضها من خلال التيار الديالكتيكي الذي يدفعها ويبثُّ فيها الحياة؛ فيتناول في هذا الكتابِ المذهبَ العبَثي عند «كامي»، وأسطورةَ «سيزيف» التي تُعبِّر عن هذا المذهب، وقيمةَ الجسد باعتباره الحقيقةَ البيِّنة الخالصة، كما يناقش الوعيَ بالتمرُّد العبَثي في أعماله مثل: «الغريب»، و«كاليجولا»، و«حالة حصار»، و«الوباء»، ثم يُسلِّط الضوء على كتابه «المتمرِّد» الذي تَناوَل فيه التطوُّر التاريخي للتمرُّد والثورة.