لقد كانت نشأه اللغات وتطورها خلال ما يربو علي مائة وعشرين ألف عام إعجازاً بكل المقاييس وبرهاناً علي المسيرة التطورية للجنس البشري المنحدر من سلالة جينية مشتركة.وإذ يتناول الكتاب تاريخ المجموعات اللغوية الكونية في إطار نظريات العلوم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يشير إلى أن اللغات تشبه الغيوم فلا يمكن لأحد أن يعرف متى وأين تبدأ أو تنتهي رحلة الغيوم ، كما يسعي الكتاب إلي رصد الظواهر اللغوية بكل ما فيها من تداعيات اليومي المعتاد أو الكوني المتشابك ليخلق لوحة أرحب وأشد تعقيداً تؤكد علي أن اللغات الإنسانية – مثل الناطقين بها - تنتمي إلي أصل مشترك. وعبر آلية إبداعية بعيدة عن الجدليات الدوجمائية المتحجرة يرصد الكتاب خارطة اللغات البشرية المعاصرة مؤكدا علي أن "الإنجليزية" هي محور النظام اللغوي العالمي المعاصر حيث تمسك بزمام المجموعات اللغوية الأخرى , ويدور في فلكها إثنا عشر لغة تشكل المجرات اللغوية الأساسية في قلب منظومة اللغات الكونية بالإضافة إلي تفريعات لغوية لا تعد ولا تحصي انتشرت عبر التمدد السكاني والهجرات في غضون آلاف السنين. وفي ظل أطروحات موضوعية حيادية يتناول الكتاب بالتحليل المجموعات اللغوية المركزية حول العالم مثل مجموعة اللغات الأوروبية والهندية والاندونيسية والجنوب إفريقية ولغات غرب وشرق إفريقيا. وبمنأى عن المغالطات المفاهيمية المعهودة يستطلع الكتاب علاقة اللغات بالغزو المسلح للمجتمعات الزراعية القديمة والأنظمة العسكرية والحملات التبشيرية والحروب والاستعمار والتجارة وقيام الامبراطوريات وزوالها. كما يتناول تاريخ اللغات القديمة مثل اللاتينية والصينية والسنسكريتية بجانب علاقة اللغات بالتعليم والصحافة والأدب والفن و العلم والسياسة والاقتصاد , ناهيك عن دراسة وتحليل اللغات كوسائل للحراك الاجتماعي والمعضلات التي تدفع قطاعات من البشر إلي النزوح الجماعي نحو لغة ما والتخلي عن لغاتهم الأصلية