«لا شك أن إهدار التراث القديم دون بحثه، وبحث ظرفه الموضوعي، وإصدار أحكام قَبْلية عليه وعلى مَن مِنه مِن فلاسفتنا، ليس من العِلمية في شيء؛ ومِن ثَمَّ يمكننا القول: إنه بالتزام كل شروط العِلمية في البحث يمكن أن نعثر في القديم على كثير مما يفيد قِراءتنا لتراثنا وحاضرنا قراءةً صحيحة.»
شكَّلَت الأسطورة وعي الإنسان في أقدم الحضارات، كما كان لها عظيم الأثر في اللاوعي الخاص به، فكانت بمثابة الكتاب الذي يُسجل كل حركة وسكنة، بل يطورها ويتطور معها، حتى تنتقل بين الحضارات واللغات للتشابه بينها رغم تعدُّدها، وتظهر وكأنما يربطها رباط واحد وجذر يضرب في عمق التاريخ قرونًا وقرونًا. والدكتور «سيد القمني» هنا بعدة بحوث تتنوَّع موضوعاتها وتتوحَّد مآربها، يضع أمامنا أساطيرنا داخل قوالبها التراثية، في دعوة صريحة لإعادة قراءتها قراءة جديدة تناسب حاضرنا؛ ولتفادي خلطٍ قد يحدث، واتهامٍ قد يُلقى جزافًا؛ فقد حدَّد الباحث نطاقًا لبحثه عن كُنه العلاقة بين الأسطورة والدين، حيث سترتكز الدراسة على «الأديان الابتدائية» دون غيرها، لتشابه ظروف ظهورها بظروف نشأة الأسطورة.