بمجرد أن اندلعت الحرب الباردة ، قفزت الثقافة من الضلال العميقة التي حاول المركسيون دفنها منذ القرن التاسع عشر ، باعتبارها من البني التحتية ، إلي نقطة المركز في دائرة الصراعات السياسية والفكرية .
ومع زيادة الاهتمام بالثقافة عرف الناس عنها حقائق ربما لم يكن يعرفها إلا قليلون ، ومنها أن الثقافة تخضع لقواعد الإنتاج الكبير ، شأنها شأن السيارات الفورد ، مما يعني ان الجماهير لها صقافتها بقدر ما أن الثقافة لها جماهيرها ، فالثقافة في كل مكان ، ولم تعد حكراً علي قلة تميزت بالتأديب والتهذيب .
ويسلط كتاب " الثقافة في عصر العوالم الثلاثة " الضوء علي هذا التحول الذي يعد من أهم ملامح " نصف قرن قصير " من 1945 إلي 1989 عندما كان العالم منقسما إلي عوالم ثلاثة : رأسمالي أول ، وشيوعي ثاني ، وعالم ثالث خارج من بين أنقاض النظام الكولونيالي
يسعي مايكل دينينغ ، عبر محاولته إعادة صوغ موروثات الدراسات الأدلبية البريطانية والتقاليد الراديكالية لحركة الدراسات الأمريكية في سياق عولمي ، إلي استكناه حقيقة ما دار في المعارك التي أشعلها الخلاف حول دلالات الثقافة ، ويعالج نشوء " ايدولوجية أمريكية " مائزة ، ويتتبع مسارات الثقافات العولمية الطالعة من وراء أطلال عوالم ثلاثة تداعت لتخلي مكانا لعالم واحد