اللغة، هذه الأداة السحرية العجيبة، التي لولاها ما كان تقدم، ولا حضارة ولا حتى انسانية، متى وكيف ظهرت لدى الانسان الأول وما قبله من أنواع؟ ما ارهاصاتها الأولى؟ وكيف نمت وتطورت عبر الانواع والعصور والتكيفات البيولوجية والاجتماعية؟ للمؤلف هنا نظريته التي يدافع عنها في دأب واقتدار: انها نشأت من مكون اشاري وحيد الاتصال بين الافراد، اخذ يتطور اتساعا وعمقا وتعقيدا، مرتبطا في تطوره -تأثرا وتأثيرا- بعدد من التطورات البيولوجية والاجتماعية والجغرافية.. انتصاب القامة، والسعي على قدمين، وتطور شكل اليدين، وتحررهما للقيام بأعباء جديدة، وظهور الصناعة الحجرية وتطورها، وتغير البيئات ما بين بيئة السافانا والغابات والسواحل، ثم الهجرات الاولى والتالية من افريقيا -مهد الانسانية- الى آسيا واوروبا، مع التكيفات والتعديلات التي طرأت على الجهاز الصوتي للانسان، وعلى حجم المخ ولحائه ووظائفه، وتخصيص جانب منه في السيطرة على النشاطين اللغوي واليدوي، وهكذا تطورت الاتصالات الاشارية الى النوع من اللغة الاولية، لتتحول بعد ذلك الى لغة نحوية يتخللها مكون صوتي ظل ينمو ويتعاظم باطراد، حتى وصلنا الى الكلام الحديث المعتمد على الأداء الصوتي، وان كان لا يخلو احيانا من اشارات تدعمه وتكمله