حتلَّت مقدمةُ كتاب «العبر وديوان المبتدأ والخبر» ﻟ «ابن خلدون» مكانةً مهمةً في التراث الإنساني بصفةٍ عامة، والإسلامي بصفةٍ خاصة، واستحقَّت أن تكون موضوعًا للبحث والدراسة؛ فتناولَتها الأقلام حتى تعدَّت دراساتُها العشرات. وقد استحقَّت «مقدمة ابن خلدون» هذه المكانةَ لما طرحه فيها من نظرياتٍ وآراءٍ تتعلَّق بفلسفة التاريخ؛ كنظرية العصبية القَبَلية، ورؤيته الثاقبة عن نشوء الأمم وتطوُّرها، وما ناله مِن سبقٍ في علم العمران البشري (علم الاجتماع). وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي تناولت «ابن خلدون» ومقدمته، فإن المؤلف «ساطع الحصري» بما يتميَّز به من قدرةٍ على البحث والتحليل استطاع أن يتعمَّق في دراسته، مؤكِّدًا أننا لا يمكن أن نقرأ ما قدَّمه «ابن خلدون» إلا في إطار عصره.