ساطع الحصري: «ابن خلدون» القرن العشرين، وأبرزُ القوميين العرب، وأحدُ أهم مُنظِّري الفكر القومي الحديث.
وُلِد «ساطع محمد هلال الحصري» في اليمن عام ١٨٨٠م، وتلقَّى تعليمه في المدارس العثمانية حتى تخرَّج في المعهد الملكي في إسطنبول عام ١٩٠٠م. بدأ حياتَه المهنية مُدرسًا في مدارس الدولة العثمانية باليونان، ثم انتقل للعمل في السلك الدبلوماسي، لكنه عاد مرةً أخرى للتعليم وأسَّس «المدرسة الحديثة» في إسطنبول.
وظَّف «ساطع الحصري» قلمَه وفِكره لخدمة القضية السياسية التي آمَن بها، وعلى الرغم من أنه يُعَد أحدَ أقطاب الفكر القومي العربي، فإنه أيَّد في أول أمره «جمعية الاتحاد والترقِّي»، ودعا إلى التَّتريك في مقالاتٍ نشَرَها باسمٍ مستعار في مجلة «تورك أوجاني».
غير أن قناعتَه القومية تبدَّلت بعد ذلك، فأعلن تأييدَه للثورة العربية الكبرى التي أطلَقَها «الشريف حسين» عام ١٩١٦م، فعهد إليه «الشريف حسين» بمديرية المعارف في سوريا من أجل تعريب المناهج، ويُنسب إلى «الحصري» تعيينُ أولِ سيدةٍ بالقطاع الحكومي في سوريا، وهي الأديبة «لبيبة هاشم»، وإعادةُ العمل في معهدَي الطب والحقوق. وقد عُيِّن «الحصري» وزيرًا للمعارف في حكومتَين متتاليتَين.
انتقل «الحصري» إلى العراق مع «الملك فيصل» الذي عُيِّن ملكًا عليه، ومارَس دورَه التربوي به، فوضع المنهاجَ الحكومي المُوحِّد للعراق دون تمييزٍ أو طائفية، كما أسَّس كليةَ الحقوق في جامعة بغداد وتولَّى عِمادتَها عشرَ سنوات، لكنه تركها وعاد إلى سوريا إثرَ خلافٍ مع «رشيد عالي الكيلاني»، ومنَحَه الرئيسُ السوري «شكري القوتلي» وسامَ الاستحقاق من الدرجة الممتازة.
ولم يكن للفكر القومي ﻟ «الحصري» أن يكتملَ إلا في مصر؛ حيث مثَّل الرئيس «جمال عبد الناصر» أيقونةَ القوميين العرب، فقدِمَ إليها «الحصري» وعُيِّن عميدًا لمعهد الدراسات العربية العليا، ثم مستشارًا ثقافيًّا لجامعة الدول العربية.
ويغلب على الإنتاج الأدبي ﻟ «الحصري» الفكرُ القومي، ومن أشهر مُؤلَّفاته: «يوم ميسلون»، و«صفحات من الماضي القريب»، و«العروبة بين دُعاتها ومُعارِضيها»، و«دفاعًا عن العروبة»، و«العروبة أولًا»، و«آراء وأحاديث في الوطنية والقومية»، و«محاضرات في نشوء الفكرة القومية».
وظلَّ «الحصري» يُخدم القضيةَ العربية حتى وفاته عام ١٩٦٨م.