نعوم تشومسكي كاتب أمريكي اشتهر كعالم لسانيات في الغرب قبل أن يشتهر كمناضل وناقد لا يكلّ للسياسات الأميركية المحلية والخارجية. يعرفه عامة المثقفين كناقد سياسي، لكن دائرة ضيقة فقط من المختصين على علم بإسهاماته في اللسانيات كما عرف تشومسكي اليهودي ينقده اللاذع للسياسات الإسرائيلية كما للسياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية. من خلال مقالاته التي يضمها هذا الكتاب تتضح معالم شخصية "تشومسكي" اللساني والناقد في اتجاه القضية الفلسطينية، والهدف هو إبراز هذه القضية التي كانت محور اهتمامه في الفصل الأول الذي ينتهي فيه إلى اقتراح حلّ يقوم على دولة ذات قوميتين، دولة ديمقراطية. وحين يتحدث تشومسكي في فصول الكتاب اللاحقة عن تيمور الشرقية وهايتي، فلسطين أو أندونيسيا، البرازيل، فيتنام... يتركز محور نقده على سياسات الأقوياء وأصحاب الثروة وأهل الكلمة في وسائل الإعلام والمثقفين، وبالأخصّ في بلده الولايات المتحدة استناداً إلى مسؤولياتها الفعلية عن معظم أعمال العدوان وانتهاك حقوق الإنسان ورعاية الأنظمة الدكتاتورية... وفي مقالتيه الأخيرتين (الفصل السابع والثامن) من هذا الكتاب، يبرز الكاتب فكرتين أساسيتين الأولى وحدة اللغات الإنسانية على المستوى الدلالي، وربما على المستوى الصرفي، مؤسساً هذه الفكرة على وحدة الإنسان ككائن بيولوجي، وإذن على وحدة العقل. والثانية ضرورة تناول "المظاهر العقلية للعالم" حسب تعبيره أي اللغة والفكر... بذات المناهج التي تدرس بها العلوم الطبيعية بوصفها محكومة بفطرة الإنسان، مانحاً لمفهوم الفطرة معنىً حديثاً يأخذه من علوم البيولوجيا التوارثية: التكوين الوراثي. وبذلك فهو يرفض الثنائية المنهجية: اختصاص الظواهر العقلية بمناهج خاصة غير مناهج العلوم الطبيعية. هذا عرض وجيز هدفه إبراز بعض أفكار القوى في لسانيات "تشومسكي" وذلك لإبراز لزوم العلاقة بين عالم اللسانيات والمناضل السياسي