يتناول هذا الكتاب واحدة من أدق إشكاليات العصر و أكثرها مدعاة للجدل و الحوار ، ألا و هي ثقافة عصر المعلومات ، و ذلك على أساس من المعرفة النظرية و الخبرة العملية في مجال صناعة الثقافة ، يطرح الكتاب الثقافة من منظور هندسي كمنظومة شاملة مكونة من منظومات فرعية عدة هي : الفكر الثقافي ، اللغة ، التربية ، الإعلام ، الإبداع الفني ، القيم و المعتقدات.
و تتطرق الدراسة إلى علاقة الثقافة بالمنظومات المعرفية الأخرى ، و آليات شروطها الاجتماعية ، و طرائق إغنائها بصيغ جديدة تكشف عن قلقها الوجودي الخصب ، و محتواها العلمي التكنولوجي الدينامي. و لا غرو في ذلك ، فلقد شهد عالمنا المعاصر ثورات كبيرة على جميع الصعد ، أسهمت لا شك في تبديل خرائطه ، و توسيع دلالاته ، و تغيير أنساقه و نظمه ، الأمر الذي يفتح الباب أمام مقترب جديد يسعى إلى تقديم نظرة مغايرة لطبيعة الثقافة ، و تعدد مستويات خطابها ، و يؤسس من ثم لتوجه نقدي يهدف إلى تغيير الكثير من المفاهيم التي سادت خطابنا الثقافي الراهن.
إن الميزة الحقيقية لهذا الكتاب أنه يزيح النقاب للمرة الأولى عن ملامح المشهد الثقافي المعلوماتي من منظور عربي يتوخى الدراسة الجادة للفكرة و المحتوى بعيدا عن هيمنة الأيديولوجيا و نزعات الانكفاء على الذات.
لقد طرح الكتاب كثيرا من الأسئلة التي أفرزتها ثقافة عصر المعلومات و بادر إلى اقتراح إجابات مبتكرة للعديد منها