لم يخطئ – المؤرخون- قدامى ومحدثين في الحكم على دولة إسلامية كما أخطأوا في الحكم على دولة المرابطين، فهى في عرف القدامى من مؤرخي المغرب دولة طارئة لم تقدم للعالم الإسلامي إلا خدمة واحدة: وهى انتطارها في موقعة “الزلاقة” وإيقافها تقدم نصارى الشمال في غرب الأندلس إلى حين.
وقد اختلف المؤرخون المحدثون حول المرابطين بيد أن النصوص التى بين أيدينا على قلتها تعيننا على تصحيح هذا الرأى، فهى حافة بالمادة التاريخية عن هذه الجماعة المفترى عليها لم يلتفت إليه المؤرخون والعاملون على الأدب الأندلسي إلا أخيرا، ففي مكتبة سان لورنزو بالاسكوريال مخطوطان يحملان رقمي 488و 538 (مخطوطات عربية) يظن المتصفح لهما انهما مجموعان من النماذج الأدبية الأندلسية شعرا ونثرا. فإذا مضى يفحص هذه النماذج واحدا فواحدا تبين له ان المخطوطين يضمان في ثنايهاهما وثائق عظيمة الأهمية عن المرابطين والموحدين وعصرهم.
ورأيت أن أضيف إليها ثلاث قطع أخرى لا تتصل بالمرابطين أو إدارتهم. وإنما بالحياة الفكرية في الأندلس في عصرهم. فهى تدور حول خصومة قامت بين ابي بكر بن الصايغ المعروف بابن باجه الفيلسوف وأبي محمد بن عبد الله بن محمد ابن السيد البطليوسي الفقيه الأديب النحوي المعروف ” وإنما رأيت ان انشرها في هذا الموضع لأنها تلقي ضوء على ” الجو” الذي كان يعيش فيه أهل الفكر في ذلك العصر