يؤكد أندرسن تمييزاً نظرياً وتاريخياً مهماً بين القومية الرسمية التي تنشأ تبني الإمبراطوريات القومية هوية لها عبر محاولة فرض لغة وهوية على مناطق متعددة القوميات من جهة والقومية الشعبية الصاعدة بتحالف الطبقة الوسطى والانتلجنسيا والطبقات الفقيرة والمتشكلة باللغة وبغيرها من خلال السعي لتحقيق حرية الأمة وسيادتها ضدالإمبراطورية غالباً من جهة أخرى، وهو ليس بعيداً من تمييزات ماركس وإنغلز في سياق مختلف بين القومية البولندية والإيرلندية من جهة والقومية الروسية من جهة أخرى، ولكن لايذكرهما في هذا السياق فمع ازدياد انتشار اللغة القومية ومد المشاعر القومية على مستوى شعوب الإمبراطوريات وخاصة الشعوب الكبرى والأكثر قرباً من مقاليد الحكم وتضعضع شرعية السلالات غير القومية الحاكمة التي كانت تعتبر الولاء لها هو الولاء للوطن، في حين ليس لها وطن أصبح لزاماً على أبناء هذه السلالات الذين يحكمون شعوباً أن يتبنوا قومية هذه الشعوب ولغتها التي لم يتكلموها أحياناً، فكما هو معروف كانت الفرنسية لغة بلاط آل رومانوف في سان بطرسبورغ القرن الثامن، وكانت الألمانية لغة الكثير من نبلاء الريف في روسيا وبولندا وأوكرانيا ولاشك في أنه في القرن التاسع عشر ومع بدء نشوء الحركات الشعبية والاشتراكية الرومانسية نشأ خطر تطابق أو على الأقل تداخل الحقد الطبقي مع المشاعر الوطنية والقومية الروسية.. وبات الموقف المعادي للطبقات الحاكمة موقفاً وطنياً وقومياً روسياً بجد. أو يوجد له جذوراً في اللغة والتراث، وفي أعقاب غزو نابليون وحاجة القيصرية إلى تضافر الشعب في الدفاع عن الوطن نشأت الحاجة إلى تبني الارستقراطية الحاكمة للقومية الروسية واقترح الكونت سيرغي أوفاروف في تقرير رسمي عام 1832 أن تقوم المملكة على ثلاثة مبادئ هي الأوتوقراطية والأرثوكسية والقومية لقد كان المبدأ الثالث جديداً تماماً بل سابق لأوانه نوعاً ما في عصر كان نصف الأمة لايزالون أقناناً وأكثر من نصفها يحتفظون بلغة أم غير الروسية.