«لمْ تكُنْ أمُّهُ الحَنونُ تَطلُبُ منهُ أكثرَ مِن أنْ يَكونَ إنسانًا حَقيقيًّا وطيبًا.» ذلك هو «ألفونس ده لامرتين» الشاعرُ الفرنسيُّ الذي ذاعَ صِيتُه في بداياتِ القرنِ التاسعَ عشر، بصِفتِه أحدَ رُوَّادِ الرُّومانسيةِ في الأدبِ الحَديث، الشاعرُ الذي حلَّقتْ به قصيدتُهُ «البحيرة» نحو العالَمية، وأوقعَتْ مُتذوِّقي الشِّعرِ في حُبِّه؛ فتغنَّوْا بقَصائدِه، وترجَمُوها إلى لُغاتِ العالَم، بلْ اعتَنَوْا أيضًا بسَبْرِ شخصيتِه وقراءةِ سيرتِه قراءةً تُناسِبُ تفرُّدَها وشاعريةَ فُصولِها، وهو ما فعَلَه زميلُ مِهْنتِه «إلياس أبو شبكة» في هذا الكِتاب؛ فبصِدقِ شاعرٍ أحدَثَ يُميِّزُ الصدقَ في شاعرٍ أقدَم، وإنْ باعدَتْ بينَهُما الأَلسِنةُ والأَمكِنةُ والأَزمِنة، يُقدِّمُ لنا المؤلِّفُ «لامرتين» الإنسان؛ حَدَثًا، فشابًّا ناضجًا، فعَلَمًا ماجدًا وشُعلةً لا تَنطفِئ، وهو في كلِّ طوْرٍ مِن أطوارِه يُزِيحُ سِترًا جَديدًا عنْ وجهِ الحَياة، ويُلقِي مَوْضعَه ألوانًا مِنْ شِعرِه وفنِّه