«البني آدم عندنا رخيص يا شرف الدين، رخيص لأنه موجود ومتوفر وزيادة عن اللازم، زي قطع الغيار الموجودة في السوق في أي وقت وبأي تمن، لما تخسر قطعة غيار من دول ترميها وتشتري غيرها؛ لأن تمن الجديدة أرخص من تصليح القديمة.»
الفسادُ في المُجتمعِ كالميكروبِ القاتل، إذا لم يجِدْ مَن يتصدَّى لهُ انتشرَ واستفْحَلَ وأهلَكَ الجميع، وأوَّلُ مَن يَبدأُ بِهمْ هذا الميكروب أولئكَ الذينَ كشفُوا وَجهَهُ القبيحَ للعالَم، ويُؤجِّلُ انتقامَه لأعوانِهِ حتَّى يلتَذَّ بمشاهَدتِهمْ في قِمَّةِ عجزِهمْ ونُواحِهِمْ ندمًا على مُشاركتِهمْ في قَتلِ إخوانِهمْ أصحابِ الضمائرِ والعقول. وهذا الشرُّ الصريحُ نجِدُهُ مُتحقِّقًا في أحداثِ مسرحيةِ «الزرقاء» المُسمَّاةِ على اسمِ المرضِ الذي وَجدَ طريقَهُ بينَ «الغلابة»، وعندما اكتَشفَه الطبيبُ الشابُّ لم يجِدْ مِن كُهولِ السُّلطةِ أُذنًا تَسمعُ أو قلبًا يَعطف؛ فالبشرُ عندَهمْ كالدُّمى والعرائس، يُستبدَلونَ ويُنتقَوْنَ ببساطةٍ دونَ اكتراثٍ أو أدنى إحساسٍ بالنَّدَم. والمسرحيةُ تُناقِشُ عِدَّةَ مفاهيمَ كالإيثارِ والأَثَرة، والضميرِ والحَسْرة، والمَسئوليَّةِ والمُطالَبةِ بها.