إن الكتابة التاريخية الليبرالية في الشطر الثاني للقرن التاسع عشر في أوروبا كما في الشرق، قد جعلت من حملة مصر نقطة بداية الحداثة في الشرق العربي، فهي تذهب إلى أن عالماً مقفلاً وراكداً قد شهد انفتاحاً قسرياً على العالم الحديث أدى إلى نهوض ثقافي وقومي ما يزال تأثيره محسوساً في أيامنا هذه. ونجد صورة غير مغايرة جذرياً لهذه الفكرة عند الإسلاميين المعاصرين، فهم يذهبون إلى أن تجانس وانسجام الحضارة الإسلامية المصرية وشرق الأوسطية قد تمزقا بشكل لا يمكن علاجه من جراء العدوان الثقافي الذي رافق هذه الحملة العسكرية وتلاها في نظر عدد من المؤرخين الأنجلو-ساكسونيين الذين أعلنوا منذ وقتا مبكر أن هذه المسألة لم تكن غير حدث بلا أثر مقيم في تاريخ مصر العارم في أواخر القرن الثامن عشر، وهذا الكتاب الذي نقلب صفحاته يقدم دراسة وافية للفترة التاريخية الممتدة بين (1798-1801) والتي شهدت دخول نابليون بونابرت إلى مصر وما رافقها من أحداث تاريخية كانت موضوعاً للجدل والنقاش، كما ويبين تأثير هذه الحملة على مصر وما رافقها من تغيرات في مسار العلاقات بين الغرب والإسلام، ولم يقف المؤلف عند تدوينه للنصوص النظرية بل اشبع دراسته بالعديد من الصور الفوتوغرافية التي اندمجت بالنص لتغطية طابعاً مختلفاً يفتن القارئ الراغب في اكتشاف أصول عالمنا المعاصر وتاريخه