تحتلُّ كنيسة أنطاكية مكانةً هامة في التاريخ الكنسي؛ نظرًا لما لعبته من دورٍ ساهَم في صياغة الإيمان المسيحي. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يُعَد مصدرًا تأريخيًّا لا غنى عنه.
وُلدت الديانة المسيحية من رحم ظروف دينية وسياسية تُنذر بعدم قدرتها على الحياة؛ فقد كان اليهود مُتشددين تجاه أي دِين جديد، كما كانت السلطات الرومانية (ذات النفوذ السياسي الأوسع في العالم حينذاك) تَقبل كلَّ أنواع التعددية الدينية، بشرط أن تَتقبَّل تلك الفِرَق عبادةَ الإمبراطور. بسبب كل هذا عانَت المسيحية كثيرًا من الاضطهادات، وقبل الاعتراف بها ديانةً شرعية، بدأ صدى الخلافات الدينية يتردَّد؛ الأمر الذي أفضى إلى ظهور عدد من الهرطقات التي وصل مداها حدَّ الانشقاق العظيم بين الشرق والغرب عام ١٠٥٤م. وكان ظهور الإسلام في العقد السابع الميلادي قد أدَّى إلى صراعٍ عنيفٍ بين الدولتين الإسلامية والبيزنطية، ووصل إلى ذروته بسقوط القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية عام ١٤٥٣م، بينما استمرت حياة المسيحيين في كنف الدول الإسلامية بسلام، وإنْ تَعرَّضوا في بعض الفترات للاضطهاد
