بالطريقة الفريدة التي يتميز بها ويليام شكسبير، الذي يبرع دومًا في استكشاف أعمق أغوار الروح الإنسانية، ليكشف لنا عن جوانب خفية لا نعهدها في أنفسنا؛ يقدم لنا قصة تلك الزهرة الفتانة التي تفتقت في وسط الشوك، وما تلاقيه من مصير عندما تقع بين يدي إنسان غالبًا ما يغفل عن قيمة النعم التي يحوزها حتى يفقدها. من خلال قصة القائد العسكري «عطيل» ذو الأصول المغربية، الذي دفعته طبيعته البدوية نحو التقدير لأثمن الكنوز الروحية ولكن سرعان ما يخسر هذا الكنز بفعل غلواء مشاعره؛ حيث أحب «ديدمونة»، تلك الزهرة الندية التي تمثل الخير النادر في مجتمع يسوده الفساد. وبهذه الحكاية، يبرز شكسبير كيف يمكن للخداع أن يغوي النفس البشرية الذكية لتتخلى عن النعيم المهدى إليها، مؤكدًا أن الطهر لا يمحى من الوجود. إذ تصبح الأنثى الفاضلة أكثر طهارة وتبرز عفتها كلما قل مثيلها في المجتمع، كزهرة تزدهر جمالًا وسط الأشواك المحيطة بها.