«إننا نريد للفلسفة أن تكون شبيهةً بالعِلم، لكننا لا نريد أن نُقرِن الفلسفةَ بالعِلم بالمعنى الذي يجعل الفلاسفة يُشارِكون العلماءَ في موضوعاتِ بحثهم، فيبحثون في الفَلك مع علماء الفَلك، وفي الطبيعة مع علماء الطبيعة، وفي تطوُّر الأحياء مع علماء البيولوجيا وهكذا … ولكننا نحب لهما أن يَقترنا بعدَّةِ مَعانٍ أُخَر؛ أولها التزامُ الدقة البالغة في استخدام الألفاظ والعبارات، التزامًا يُقرِّب الفيلسوفَ من العالِم في دقةِ استخدامه للمصطلحات العلمية.»
مع بداية القرن العشرين دخَل العالَم عصرًا جديدًا هو عصر العِلم؛ حيث بات العِلم هو السِّمةَ الأساسية فيه، وباتت أدواته هي المُفرَدات الأوَّلية لهذا العصر، وكان من الطبيعي أن تَنحُو الفلسفة مَنحًى جديدًا يتوافق مع سِمة العصر؛ فانتقلَت من الأسئلة النمطية حول الإنسان والكون، إلى تحليل العبارات والجُمل وربط الفلسفة بدُنيا العِلم ودُنيا الحياة اليومية؛ وهو ما أطلَق عليه الدكتور «زكي نجيب محمود» ثورةَ الفلسفة في القرن العشرين. وانطلاقًا من هذه الثورة يَرسم مُفكِّرنا أبعادَ هذه «الفلسفة العلمية» وأدواتها، وسِمات الفيلسوف ذي النزعة العلمية، كما يُعرِّج على كثيرٍ من الفلاسفة والجماعات الفلسفية التي أصَّلَت لها، مثل «جورج مور» و«برتراند رسل» و«جماعة فيينا» وغيرهم، كما يتناول بالتحليل «الفلسفةَ التقليدية»، راصدًا مُشكِلاتها وعجْزَها عن التوفيق بين دورها وآليات العصر.