«بهذه الرحلةِ أكون قد غطيتُ تقريبًا سطحَ الكُرةِ الأرضيةِ وتعرَّفتُ إلى معظمِ أوطانِها وشعوبِها، والحقيقةُ أني بدأتُها مجردَ رحلةٍ أخرى من الرحلات، ولكنِّي حين انتهيتُ منها أحسستُ أنها فريدة، بل رُحتُ أؤنِّبُ نفسي أني أجَّلتُها إلى هذا الوقت.»
تَذخَرُ المكتبةُ العربيةُ بالكثيرِ مِنَ المُؤلَّفاتِ التي تَتناولُ رِحلاتِ مؤلِّفيها إلى بُلْدانٍ شتَّى شرقًا وغربًا، وتتميَّزُ هذه المُؤلَّفاتُ بكونِها مِرآةً لهذهِ البلاد؛ تنقلُ لمَن لم يَزُرْها صورةً عنها. وأعظمُ ما في هذه الرِّحلاتِ هيَ زيارةُ الإنسانِ لا المَكان. وفي هذا الكتابِ يَنقلُ لنا الكاتبُ والقاصُّ المِصْريُّ الكبيرُ «يوسف إدريس» تَفاصيلَ رحلتِهِ إلى قارةِ آسيا؛ تلك القارةِ التي تُمثِّلُ ثُلثَيِ العالَم، والتي اجتمعَتْ بها تناقُضاتٌ دِينيةٌ وسياسيةٌ واقتصاديةٌ لم تَجتمعْ في قارةٍ مِنَ القارات. وخلالَ رحلتِهِ الطويلةِ يُحاولُ المؤلِّفُ الكشفَ عَنِ الإنسانِ الآسيوي؛ مَن هو؟ وما طَبْعُه؟ مُحاوِلًا فيها استشرافَ ما سمَّاه «عصْرَ آسيا»؛ حيثُ التطورُ التكنولوجيُّ والصناعيُّ الذي كانَ قد بدَأَ يَبزُغُ في اليابانِ والصينِ في سبعينياتِ القَرنِ الماضِي.