«إنَّنا ننحدرُ ثقافيًّا وبالتالي سلوكيًّا بدرجةٍ خطيرة، والغوغائيةُ — نتيجةً لانعدامِ الثقافةِ — تَسودُ إلى درجةٍ تهدِّدُ فيها باكتساحِ وجودِنا كلِّه. ومعَ وجودِ هذه الكَمِّياتِ المُخيفةِ من البشرِ في هذا الحيِّزِ الضيِّقِ للوجود، فإنَّنا ذاهبون إلى كارثةٍ مُحقَّقةٍ — لا قدَّرَ اللهُ — إذا لم نُولِ رفعَ المستوى الفكريِّ والثقافيِّ للشعبِ الأهميةَ القُصوى الجَدير بها.»
تُشكِّلُ ثقافةُ الشعوبِ والأممِ حاضرَها ومستقبلَها، وقد تزدهرُ الثقافةُ وتصبحُ وقودَ أمةٍ ما للتقدُّم، وقد تنحدرُ بحربٍ أو استعمارٍ أو فسادٍ لتصبحَ داخلَ قيدٍ يَصعبُ الفكاكُ منه. وبسببِ مقالٍ لم يَحسبْ له «يوسف إدريس» حسابًا ولم يتوقَّعْ منه جَلَبة، فُتِحتْ عليه النار، ووُجِّهتْ مدافعُ النقدِ إليه من قِبَلِ مُدَّعي الثقافةِ المِصريين من الكُتابِ والفنَّانين، وعلى رأسِهم وزيرُ الثقافةِ المصريُّ آنذاكَ الدكتورُ «عبد الحميد رضوان» الذي كتبَ مقالةً هاجمَ فيها «إدريس»؛ فقد أخرجَ المقالُ للعلنِ مشكلةَ النُّخبةِ المُثقَّفةِ بمصرَ والعالمِ العربي، حيثُ عَدَّهم الكاتبُ عالةً على عمومِ الشعبِ يُضلِّلونه ويأخذونه في طُرقٍ سطحيةٍ باسمِ الفنِّ والمسرحِ والتلفزيونِ مرةً، وباسمِ الدينِ مرةً أخرى.