«الخاتمُ بجوارِ المِصباح. الصَّمتُ يَحُلُّ فتَعمى الآذان. في الصَّمتِ يتسللُ الأُصبُع. يضعُ الخاتم. في صمتٍ أيضًا يُطفأُ المِصباح. والظَّلام يَعُم. في الظَّلام، أيضًا تَعمى العيون. الأرملةُ وبناتُها الثلاث. والبيتُ حُجرة. والبدايةُ صمت.»
الشَّيخُ يقرأُ وصوتُه يُجلجِلُ في البيتِ الذي افتقدَ الرجلَ منذُ مُدة؛ ففي صوتِه وجدَتِ الأمُّ وبناتُها ظِلًّا يَلجأنَ إليهِ ولو مرةً كلَّ عصرِ جمعة، وزواجُه بالأمِّ لم يكنْ صُدفة؛ فقدْ قرَّرَتْ معَ بناتِها منذُ أنْ ماتَ أبوهُنَّ أنهُنَّ في حاجةٍ إلى رجل، والرجلُ شيخٌ وكفيف، والبناتُ لا تَخفى عليهِنَّ مداعبةُ الأزواج، والغرفةُ تتَّسعُ لهُنَّ ولزوجِ أمِّهِن، فما المانعُ من أنْ يُشاركْنَ الأمَّ مُتعتَها برجلٍ كفيفٍ لا يقدرُ على تمييزِ أيِّ امرأةٍ يَلتقي على فراشِه كلَّ ليلة، ليكونَ زعيمَ بيتٍ من لحم. مجموعةٌ قصصيةٌ ليوسف إدريس يُشَرِّحُ فيها المجتمعَ المصريَّ بكلِّ طبقاتِه، تجمعُ بين الفُكاهةِ والتراجيديا والبؤسِ والقهر، ولا تبخلُ علينا بجُرأةِ الكاتبِ المعهودةِ في وصفِ ما تَعِجُّ به النفسُّ البشرية.