«الحمد لله الذي مَنَّ علينا بفتح هذه البلاد النَّضِرة الزاهرة، فإنه فتوحٌ أَنعِم به من فتوح، أَعْلَينا فيه كلمةَ الله ورفعنا عن هذا الشعب الضعيف أنواع المَظالم التي كان يُثقِل كواهلَهم بها لزريق الفاجر.»
بين يدَيك المسرحيةُ الوحيدة التي ألَّفها الزعيم الوطني «مصطفى كامل»، وهي بخلاف ما يَشِي به عنوانها، لم تكن مجرَّد عمليةِ مَسرَحةٍ لروايةٍ تاريخية متواترة وعلى قدرٍ كبير من الأهمية كرواية «فتح الأندلس»؛ فقد عمَد المؤلِّف بمهارة إلى استخدام أدواته الفنية والإبداعية في تمريرِ جرعةٍ من أفكاره الوطنية والقومية، ليكون — بعيدًا عن الخطابية والمباشرة — حاثًّا للمتلقِّي على ممارَسةِ عمليةِ إسقاطٍ للماضي على الحاضر؛ فأنت تقرأ الإخلاصَ للقضية وروحَ الإقدام والمروءة التي تحلَّى بها الفاتحون العرب، وتُقابِل بينها وبين الدسائس والخيانات التي اجترَحها الدُّخلاء من أمثال «عبَّاد» وزير الأمير «موسى بن نصير»، وترى انتصارَ الحق والقوة على الشرِّ والوَضاعة، وفي ذلك عِبرٌ ودروسٌ لا تَفقد أهميتها بمرور الأيام.