«لم أشهد في حياتي وفي مُختلِف أسفاري مدينة كهذه، فقد ظلت الدول الكبرى شهورًا تتنازع من أجلها في جينيف، ووزراء خارجية المدن الأربع الكُبرى يتركون مهام وظائفهم في عواصم بلادهم ويتخصصون لدراسة مشكلة هذه المدينة.»
قد يُروى عنها الكثير، وتُتناقل أخبارها، فندهش لما وصلت إليه من تناقُض وتخبُّط، لكن الشهادة غير الرواية والحكاية، لا يُتقنها إلا من عايشها؛ ففي عام ١٩٥٩م زار الكاتب «فرج جبران» برلين بشطرَيها الشرقي والغربي، ونقل لنا في كتابه هذا معاناةَ الألمان بعد أن اجتاحت جيوش الحلفاء برلين عاصمةَ الرايخ وشطَرَتها إلى شرقية وغربية؛ الأولى خاضعة للنفوذ السوفييتي الذي أسَّس فيها نظامًا سلطويًّا قمعيًّا يُطبق الشيوعية، والثانية رأسمالية ذات اقتصاد منفتح حر ازدهرت بها الحريات، وأدى ذلك إلى تدفُّق آلاف الألمان الشرقيين إلى الجانب الغربي هربًا من الجحيم. والكاتب هنا ينقل ما عاينه من تناقُضات فكرية وثقافية واقتصادية وسياسية في الجانبَين.