أيُّهما دفَع الفِكر الديني للنشوء؛ أهو التأمُّل في الكون ومحرِّكه، أم الخوف من هذه القوة الخفيَّة والسعي لاتِّقاء شرِّها واستجداء خيرها؟ وهل كان الإنسان بحاجةٍ إلى وجودِ إلهٍ يلوذ به؟ أيًّا كان ما دفع الإنسانَ إلى التفكير في أمر حياته ومَغزاها، فإن تفكيره ارتقى مع تمدُّنه، وتَغيَّر من البسيط إلى المعقَّد؛ فارتكَنَ إلى الروح مُعتبرًا إياها أساسًا للحياة وسرًّا لها، ومع نضوج فكره أكثر اتخذ من «الطوطم» حاميًا له، ومنه أتى «التابو» المُحرَّم. وهكذا أيضًا بدأ الفكر الديني اليهودي، ولكنه ارتقى إلى ما هو أكثر من ذلك حينما أدرَك وجودَ إلهٍ واحدٍ للكون (يهوه)، ولكن هذا لم يحرِّره تمامًا من الأفكار القديمة كالأساطير والسِّحر والقرابين.