إن أهل العلم والتحقيق قد صنعوا كتباً كثيرةً في الأحاديث التي اشتهرت بين الناس وكثر تردادها على الألسنة وكذا أفردوا الأحاديث الغرائب بتصانيف خاصة وقل أن يخلو تصنيف منها عن فائدة لا توجد في غيره.
ويأتي كتاب الإمام يوسف بن عبد الهادي من بين تلك الكتب التي عنيت بجمع الأحاديث المشهورة بين الناس مما ليس في صحيحي البخاري ومسلم وكذا الأحاديث الغرائب التي لم تقع في كثير من الكتب المشهورة المتداولة إلا أنه قد ترك بيان حال كثير من أحاديثها فلم يذكر صحتها من ضعفها ومع ذلك فقد اشتمل تصنيقه على جملة وافرة من النفائس والمهمات التي التقطها من المسانيد والمصنفات والمعاجم والأمالي والمشيخات والأجزاء وكتب التاريخ والطبقات والفوائد ولم يزل كثير منها مفقوداً أو لم ير النور بعد كأحاديث أبي حفص الزيات وأبي الحسن التغلبي والسلفي والعسكري والدهقان وأهل حرستا ومشرق بن عبد الله.
وأمالي ابن بشران وابن ملة وأبي سهل العطار والماليني والطريثيثي.
وأجزاء السهلكي وابن عرفة وعبد العزيز الكناني وأبي أيوب الخزاعي.
وفوائد أبي بكر بن خلاد والأزجي والبحتري والسراج والقطيعي والنرسي.
ومشيخات ابن كليب والجوهري الصغرى وعمر بن زرارة.
ومعاجم ابن قانع وأبي الحسين الحمامي.
وتواريخ بلخ ونيسابور وغيرها كثير مما يراه المطالع بين دفتي هذا التخريج.
ولا عجب في ذلك فالمؤلف قد وقف على جملة من نوادر كتب علماء الأمة ونسخ نفيسة من خزائن المدرسة العمرية ومطالعة فهرست كتبه الذي كتبه بخط يده تعرف قدر مؤلفه هذا الذي استقاه من تلك النفائس.