يتناول الكاتب السوداني عماد البليك في روايته الجديدة «ماما ميركل» مآسي الهجرة غير النظامية في قالب سردي جمع بين تقنية الصورة ومسرحة الأحداث. وتجيء الرواية متزامنة مع الموت المجاني في البحار جراء مآسي الحروب والظروف الاقتصادية القاسية والاغتراب النفسي لمجموعة شخصيات تسكن العالم الثالث اختارت المجهول والمغامرة بحثا عن الأمان. تبدأ الرواية برسم مأساة فتاة سورية تدعي «رندا سليمان» تتعرض لعنف جسدي وتشاهد مقتل والديها علي يد جماعة مسلحة. وبعد معاناة شديدة تصل إلى ألمانيا مصابة بشلل جسدي وعقلي، وما بين صحوها ومنامها تمر عليها أحداث ماضية وتعيش في عالم غريب، لكنه أكثر أمانا من عالمها الحاضر. وتترابط خيوط الرواية سرديا بقصص لشخصيات من السودان وإرتيريا وليبيا والعراق تعيش في ألمانيا مآسي الماضي وخوف الحاضر، مع ما يسود في أوروبا من خطاب بعضه يحمل كراهية تجاه الأجانب، وآخر يرى في الوجود الأجنبي جزءا من خطاب تعددي حضاري. واعتمدت الرواية على حكي منفصل لكل شخصية، متناولة جغرافية الشتات والهروب نحو الغرب «الملوحة تفيض على الرمال، تغطس فيها الأقدام العارية، العديد من البشر يتجولون في الصباح الباكر من شتي بقاع الأرض، هنود، عرب، فلبينيون وأميركيون.. ليس لي أن أحدد من أين جاء كل واحد منهم، ولي أن أتفحص فقط ملامحهم، فوراء كل وجه حكاية مستترة». ويوضح الروائي عماد البليك دلالة «ماما ميركل»، حيث يشير الاسم إلى قضية الهجرة والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ليس بوصفها الشخصي، وإنما برمزيتها، حيث تدل كلمة «ماما» على الاحتضان والأمومة. وأشار البليك إلى أن مسؤولية الروائي ليس نقل الواقع كما، هو فالرواية فن والفن يعتمد على الواقع لكنه لا يحاكيه ولا ينقله. وتناولت الرواية نماذج إنسانية بعضها مثقف يبحث عن خلاص ذاتي، وأخرى أخرجها شظف العيش وعنت السلطات في بلادهم، فـ»رندا» السورية و»أميلدا» السودانية و»جعفر» السوداني و»اللاجئ» الإرتيري و»المتطرف» كلهم جمع بينهم غياب الوطن والبحث عن البديل.