غوص فلسفي في أعماق قصائد شعرية في محاولة لاسكناه ولدى ارتباط الشاعر بكلمات قصائده وما بينها فماذا عنا نحن والقصيدة؟ هذه القصيدة التي مارسنا الكتابة عنها وضدها منذ مجالس النابغة في عكاظ وإلى ما لانهاية. مارسنا ذلك بثقة واطمئنان، ولم تتساءل قط عن قدرتنا أو عجزنا عن الكتابة عن نصوص هي بمثابة القبيلة التي ينتمي إليها والخيمة التي تأوي تحت أطنابها. لم نتساءل عن نصوص كنا نحن بعض ثمارها ولم نستفسر عن قدرة الثمرة على الحديث عن النواة وعن الشجرة. وكنا نزعم دوماً أننا نكتب من خارج النص، من فوق التجربة وبالتالي توهم أنفسنا بأن أحكامنا ونظراتنا موضوعية ونقدية، ونرى أن هناك حاجزاً معرفياً يقوم بيننا وبين النصوص، وهذا الحاجز المتوهم أعطانا حساً بالطمأنينة جعلنا نقفز بأحكامنا ونثق بها، ونفترض أننا منفصلون عن النصوص المدروسة انفصالاً يكفي لحماية تصوراتنا في التلبس بالمدروس أو الانصياع له. ولربما حرصنا على التمرد على النصوص والعدوان عليها إمعاناً في إثبات انفصالنا عنها وكسر الانتماء المتبادل فيما بيننا. تلك صفة يراها الباحث تنطبق على كل الدراسات التي تدعي لنفسها دعوى النظر الموضوعي في تراثها، وهي موضوعية تنسب إلى نفسها دعاوى معرفية وابستمولوجية بأنها مستقلة ومحايدة وبريئة هذه صفات الموضوعية المتوهمة.