حب فريد لا مثيل له في التاريخ أو في سير العشاق , حبُ نادر متجرد من كل غاية . لقد دامت تلك العاطفة بينهما ما يقارب عشرين عاماً لم يلتقيا الا في عالم الفكر و الروح , كان جبران مقيما في أمريكا و كانت مي مقيمة في القاهرة . لم يكن حب جبران جراء نظرة فابتسامة فسلام فكلام , بل حباً نشأ وترعرع عبر مراسلة أدبية طريفة و مساجلات فكرية و روحية ألفت بين قلبين وحيدين , و روحين مغتربين , كان كل منهما يبحث عن روح شقيقة في يقظته واحلامه , ويتوق الى تلك الشعلة الزرقاء التي هي جوهر النفس الانسانية في أسمى درجات صفائها . كل منهما كان يسعى لرؤية ذاته في روح صاحبه حتى لكأن تلك الروح هي المرآة التي ينعكس على صفحاتها نور الأخر . ونحن , كلما انعمنا النظر الى مضمون هذه الرسائل النابضة بالحياة, الناضحة بالصدق , كلما ازددنا يقينا بان الحب الذي شد جبران الى مي , و شغف ميّا بجبران , حب عظيم , بل عشق يكاد يكون صوفيا لأنه تخطى حدود الزمان و المكان والحواس الى عالم تتحد فيه قوة الوجود . ان هذا الحب بسموه, وعمقه , وطهارته , جعل كلا منهما يبحث عن الله في قلب الأخر