«أبدًا لم يحتسبِ اليهودُ ولا كِتابُهمُ المقدَّسُ أنَّ البطاركةَ الأوائلَ (إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباطَ) أنبياءُ بالمعنى المفهومِ للكلمةِ في الإسلام؛ أيْ رسلٌ ذوو كُتُب، بقدْرِ ما كانوا أسلافًا لهم قدسيَّتُهم لاتصالِهم المباشرِ بالآلهة.»
كعادتِه يقتربُ «سيد القمني» مِنَ القضايا الشائكة، فيدرسُ نصوصَها ويُحقِّقُ في أهدافِها لعلَّهُ يهتدي إلى رأيٍ جديد. وفي هذا الكتابِ يُحلِّلُ النصَّ التَّوراتي؛ أحدَ أقدمِ النصوصِ الدينيةِ على الإطلاق، ويُرجِّحُ أنَّ أقدمَ أسفارِ العهدِ القديمِ كُتِبَ حوالَي عامِ ٨٥٠ق.م؛ معتمِدًا في ذلك على آراءِ «توماس هوبز» و«باروخ سبينوزا». ويؤكِّدُ «القمني» على ضرورةِ عدمِ التعامُلِ مع النصِّ التوراتيِّ على أنه وثيقةٌ تاريخيةٌ تروي تاريخَ الإسرائيليِّين؛ فهو لا يَعْدو أن يكونَ أكثرَ من مجردِ وثيقةٍ أسطوريةٍ على حدِّ تعبيرِه، وإنْ حملَ بعضُه القليلَ من الحقيقة. كما يُفنِّدُ «سيد القمني» في كتابِهِ هذا ادِّعاءاتِ «فليكوفسكي» في كتابِه «عصور في فوضى» الذي يؤصِّلُ فيه لدولةِ إسرائيلَ تأريخيًّا.