«مرَّت سنوات لا أذكر عددَها وهو راقدٌ على سريره السفري في غرفته التي يلزمها ليلَ نهارَ للتدريب على العزف والاستعداد للحفلات المتتالية. مَن يراه يتصوَّر ميتًا لم يُدفن، أو بهيمًا يأكل ويشرب ويخرج ولا شيء غير ذلك.»
استطاع الدكتور «عبد الغفار مكاوي» أن يجمع بين الفلسفة والفن، فكان لفنِّه القصصي حكمةٌ ممتزجة بشجن عميق، ويَظهر ذلك في الصفات العامة لشخصيات قصصه. ومجموعة «أحزان عازف الكمان» يصِفُها البعض بأنها المجموعة التي ترسم ملامحَ الإبداع القصصي عند «مكاوي»، وأول هذه الملامح هو إخلاصه للفلسفة، ويظهر ذلك في أسماء بعض قصص المجموعة مثل «إيكاروس» الأسطورة اليونانية الشهيرة. وثاني هذه الملامح هو الخيط الرفيع من الشجن الذي يسير مع معظم قصصه، مثل: «أحزان الكهل الطيب»، و«أحزان عازف الكمان». وثالثُ الملامح هو تأثُّره بأصدقائه والوفاء لهم، ويظهر ذلك في المناسبات التي كُتبت فيها بعض قصصه مثل: قصة «الزلزال» التي كتبها في ذِكرى رحيل صديقه «صلاح عبد الصبور»، و«تائهة على الصراط» المُهداة إلى صديقه الدكتور «شكري عياد»، و«نقل دم» المُهداة إلى صديقه «مصطفى مندور».