توقف الرجال في حقول القضب عن العمل، وحلف أحدهم أنه شاهد (أبو شنان) بالبنتلون والقميص في سيارة الروفر وبجانبه حرمه رأسها مكشوف... صار يعمل مع بو طالب، مثله مثل العسعس... وأكثر... أزاحت الغطاء عن رأسها، وحلت جدائلها، ونشرت شعرها المطرز بالشيب وبدأت تنوح، سمية ستميت نفسها، وإن حزنها هذه الليلة صعب وأصعب من أي وقت مضى... نواحها يذيب الحجر... سمية الحنونة تبكي فتنفطر القلوب".
أبو شنان وسمية وعبد المعطي واليامي ونجران تحت الصفر بشخصياتها هذه تجسد رمزاً لمدينة نجران اسم ورمز تنسحب عليه اسم مدائن أخرى وهي واقع أليم ترزح تحت ويلاته كل المدن، وطن، أرض وخيانة، وأبو شنان الذي كان الأخ الروحي لياميّ الشهيد تحت سيوف الأمير لأنه وعى ذلّ العبودية فطالب وناضل من أجل الحرية، أبو شنان يخون العهد ليصبح عالة على حارة العبيد، وجرحاً لا تندمل آثاره في روح أمه سمية التي كان الياميّ ابنها الروحي بمبادئه وتطلعاته.
ترصد ريشة يحيى يخلف ذاك الواقع من خلال مشاهد هي للعين لوحات وهي للرواية سطور، ببراعة يلتقطها يحيى، يسردها في سجل يعي واقع نجران العالم بكل أبعاده، وبكل تطلعاته نحو الحرية والخلاص من خلال تضحيات