خلال القرون الثلاثة الأخيرة التي شهدت تكوّن الحداثة الغربية وسيطرتها، تكونت عن الصين وترسّخت صورة صين صاحبة كتابة رمزية، خاضعة لموروث استبدادي، معزولة عن سائر بقاع العالم، طوال قرون، وهو ما يفسر جمودها الفلسفي والسياسي والعلمي الذي جاء الغرب في الوقت المناسب لإيقاظها منه.
فحين ننظر إلى كل هذه التّرهات، سوف نجدها، بالتأكيد، بصيغ مختلفة وعلى مستويات متفاوتة التنميق، في عدد لا بأس به من المؤلفات الرائجة.
وعلينا أن نضيف أن هذه المؤلفات لم تُعدم، في المقابل، أن تمارس تأثيرا كبيرا في طريقة النخب الصينية تنظر بها إلى ثقافتها الخاصة، سواء في انتقاد الذات أو، خلافا لذلك كما هو الحال منذ فترة وجيزة، في مدح هذه الذات مدحا معزّزا بشعور قومي متزايد النّخوة.
هناك مجموعة أفكار مسبقة تعلّقت بالصين ولا تزال سائدة حتى في بداية ألفيتنا الثالثة، وعلينا أن نفصح عن كونها سائدة بالخصوص بين نخبنا الملقبة بـ“المستنيرة”، وهي أفكار يعود أغلبها، في واقع الأمر، إلى أوروبا الأنوار.
ولأن هذه الأفكار وُلدت وترعرعت، تحديدا، في بيئة منتقاة، فإنها تركّز، قبل كل شيء، على طريقة تفكير الصينيين، وهي الطريقة التي تختلف، بالضرورة، عن الطريقة الغربية اختلافا جذريا، مهما كانت النظرة إليها، سواء من زاوية الإعجاب أو الذم