احتلت القضية الفلسطينية مكاناً واسعاً في كتابات إدوارد سعيد، بل تحوّلت هذه القضية إلى هاجس يومي مؤرق لدى هذا المفكر الكبير.
ولعل هذا الالتزام الوطني الأخلاقي الكبير، هو الذي حمل "سعيد" في فترة مبكرة، على كتابة "المسألة الفلسطينية"، كي يشرح عدالة هذه القضية لجمهور أمريكي، أدمن على قبول الصوت الصهيوني وتأييده، ثم عاد وكتب جملة من الدراسات عن معنى القدس، السلام، التفاوض.. والآن يصدر "سيرته الذاتية" التي يروي خلالها رواية الشعب الفلسطيني، وما عاناه هذا الشعب من إرهاب لإرغامه على التشرّد خارج وطنه. وهذا الكتاب، هو سلسلة حوارات مع إدوارد سعيد تلقي ضوءاً على تفكيره، لا بمعنى المثقف الوطني الذي يتابع الشأن الفلسطيني عن قرب شديد، بل بمعنى الفكر الواضح النزيه الذي يضع يده على النقاط الجوهرية التي عولجت بشكلٍ خاطئ، حاصر أفق فلسطين والشعب الفلسطيني.
ولذلك، يعتبر هذا الكتاب مرآة واسعة لوحدة الأخلاق والمعرفة لدى المفكر الفلسطيني الكبير، ومرآة أيضاً لقدرة الفكر على قراءة المستقبل اعتماداً على معطيات الحاضر.