(( يسجل يوم الثامن من شهر ذي الحجة من سنة 35 هجريا حادثة من أخطر الحوادث التي شهدها تاريخنا الاسلامي, كانت بداية فتنة طاحنة تركت ظلالها القاتمة السوداء تخيم على الدولة العربية الاسلامية فترات طويلة من هذا التاريخ, تلك هي واقعة استشهاد عثمان بن عفان ذي النورين وثالث الخلفاء الراشدين. لقد تركت هذه الحادثة في نفسي آثارا أليمة, وخطر لي أن أتتبع بالدراسة مصحف الخليفة الشهيد الذي تحمل دفتاه وبعض صفحاته قطرات من دمائه الطاهرة, ودفعني اهتمامي بهذا الموضوع أن هذا المصحف العثماني المعروف بالمصحف الإمام, والذي كان يحتفظ به الخليفة الشهيد, أصبح عبر حقب التاريخ الإسلامي مجالا خصبا لإدعاءات ومزاعم مختلفة, ذلك أن عددا من الحواضر الإسلامية حرصت على التأكيد باقتنائها لهذا المصحف, وساق المؤرخون روايات ونصوصا حول هذا الموضوع تتعارض فيما بينها وضاعت الحقيقة وتاهت بين مصاحف مصر والبصرة وحمص وقرطبة وطشقند واسطنبول... ويجدر بي أن أوضح في هذا الصدد أنني لم أقصد في دراستي أيا من نسخ المصاحف التي كان قد أرسلها الخليفة الشهيد إلى الأمصارالإسلامية, وإنما قصدت نسخته الشخصية التي قيل أنه خطها بيمينه وكان يحتفظ بها لنفسه ويطالع فيها لحظة احتضاره