«لقد أُتيحَت لمؤلف هذا الكتاب حياةٌ ثقافية امتدت به منذ شبابه الباكر حتى انتصف العَقد التاسع من عمره، ولبِثَت طَوال هذه السنين مفتوحة النوافذ على الثقافة الغربية والثقافة العربية معًا.»
دائمًا ما تُثير تجربة الدكتور «زكي نجيب محمود» عقولَ المثقفين؛ فهي أحد جوانب شخصيته الفريدة وعقليته المُتقدة؛ فهو في هذا الكتاب يُعرِّفنا على مراحل تطوُّر تكوينه العقلي وثقافته، من خلال طرح إحدى أهم زوايا هذا التطوُّر وتفرُّده، وهي الجمع بين التعمُّق والاطلاع الكثيف والانتماء إلى الثقافة العربية، وبين اطِّلاعه وتَفاعُله مع الثقافة الغربية؛ فهو لم يجد في ذلك غضاضةً في أي مرحلةٍ من مراحل حياته، فاختار المؤلِّف أول ما اختار فكرة «المبادئ»، ومفهومها في كلتا الثقافتَين العربية والغربية، مُناقشًا فكرة التوفيق بين المفهومَين على الرغم من اختلافهما. وكانت الزاوية الثانية التي نظر منها المؤلِّف هي زاوية النظر العلمي إلى أوضاع الحياة، مُحللًا باستفاضةٍ طريقةَ التفكير التي مارسها العربي في شتى ميادين الحياة، ومُقارنًا إيَّاها بالنظرة الغربية الحديثة للعلم ومكانته في الحياة.