كانت اللغة، ومازالت، لغزا غامضا، فهل هي من صنع الإنسان؟ وما علاقة اللغة بالطبيعة: الإنسانية وغير الإنسانية؟ في كتابه هذا، يبحث عالم اللغويات غوي دويتشر عن الصلة الخفية بين الفكر الإنساني من جهة تصور الطبيعة، واللغة من جهة كونها ملكة رمزية لتفسير العالم.
تلقي فصول الكتاب التسعة الضوء على أوجه متعددة للمسألة المركزية نفسها: هل تؤثر لغة ما في إدراك الناطق بها للعالم؟ حاول المؤلف الوصول إلى إجابة من موارد متعددة، فبدأ باستشفاف الدراسات حول أعمال الشاعر الملحمي هوميروس، والقصور المحتمل الذي تشير إلى لغته، في إدراك الألوان. وعرج بعدها على نظم الجهات الغريب الذي تفرضه لغات شعوب أستراليا الأصليين، كما تطرق إلى الإدراك اللوني المبهم عند اليابانيين للونين الأخضر والأزرق، وعرض التفاوت االغريب بين اللغات في تقسيم الأشياء وفق جنسها، والصعوبات التي يعاني منها الناطقون بلغات أخرى لفهم المغزى من وراء ذلك التقسيم.
يبدو أنه، وعلى الرغم من اتساع بساط البحث وتنوع مشاربه، فإن السؤال يبقى مفتوحا على كل الإجابات المحتملة، فهل ينظر الناطق بلغة ما إلى شيء محدد نظرة تختلف عن نظرة ناطق بلغة أخرى إلى الدرجة التي تجعل منه موضوع نظر مغاير؟ لا أحد، على وجه الحقيقة، يعلم. (less)