لم تكن الحياة اليومية في أثناء تفشي الطاعون، أو الموت الأسود، طبيعية البتة. فطوال القرون الثلاثة والنصف التي شكّلت ما يعرف بالجائحة الثانية للطاعون الدبلي، بين سنتي 1348 و1722، تعرّضت أوروبا لهجمات الأوبئة المنتظمة التي أعملت فيها الفتك والقتل دون هوادة. وعندما يضرب الطاعون مجتمعاً ما، تنقلب جميع جوانب الحياة رأساً على عقب، من العلاقات داخل الأسر إلى الهيكل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. تضطرب الأسواق، وتفرغ المسارح، وتمتلئ المقابر، ويحكم الشوارع حملة الجثث الرهيبون الذين يُسمع صرير عرباتهم ليل نهار. وفي زمن الطاعون ظهرت أعظم البطولات وأسوأ سلوك لاإنساني على الإطلاق. ومع ذلك استمرت الحضارة الغربية لتشهد عصر النهضة، والإصلاح الديني، والثورة العلمية، وبداية عصر التنوير