تتناول هذه الدراسة القصائد السبع الطوال, المشهورة بالمعلقات, فى مرورها على عيون العصور المتأملة لهذه النصوص منذ أن اعتلت عرش الذاكرة العربية ، فشغلت الناس منذ صدر الحضارة العربية حتى يومنا هذا. تناقلوها بينهم و اتجهت لها العقول الناقدة تجليها نقدا و تحليلا ، ثم جاء شراح النصوص ، منذ مطلع القرن الثالث ، فبرزت أسماء رواد مثل : أبو سعيد الضرير فالكيساني ، لتستوي الشروح الناضجة : شرح ابن الأنباري (328 هـ) و أبو جعفر النحاس (338 هـ) و الزوزني (486 هـ) ، و فيها فيض من التحقيق و التوضيح و التفسير و الإضاءة ، عملت هذه الدراسة على تجليتها و تحليلها و بيان ما فيها من تفسيرات و رؤى و تلميحات.
و جاء العصر الحديث يحمل معه أدواته و تصوراته ، بدءا من أصحاب النظر التعليمي المطمئنين إلى حكمة و اجتهاد التراثيين ، ثم برزت النظريات الاحدث فاجتاحت مشهد البحث العلمي و النقدي ، و اتسعت الرؤى فتثار وجودية طرفة ، و رمزية الأطلال ، لتبدأ هجمة معطيات العقل الجمعي و أسطوريته ، وصولا إلى البنيوية. كل هذه الاتجاهات وجدت ضالتها في نصوص المعلقات التي تتسع لكل تأويل. لقد ذهب هذا البحث إلى استكشاف طبيعة نظر كل عصر ، فهو دراسة للدراسات ، ونظرة فى النظرات للشعر الجاهلى, المعلقات نموذجا ومجالا.
و تبقى بعد ذلك المعلقات نصا مفتوحا غنيا تنجذب إليه عيون العصور المتعاقبة ، فيقودها إلى مغامرة الرؤية في أغوار يتلألأ في داخلها عمق الإبداع