أوردَ «ابن المُقفع» في كتابه «الأدب الكبير» فرائد من الحِكَم الفارسية، نقلها بروح العربي الأريب، الذي يعرف ما يُكِنُّه العقل العربي، وما تحتاجه نفوس تلك الشعوب؛ فكان وكأنه كُتِبَ تحت ظِل خيمةٍ في بادية الحجاز، بِيَد أحد حُكماء الزمان بعد أن تَقَلَّب في سماء الدهر عقودًا؛ فخرج علينا سِفْرًا فريدًا يحفل بعظيم الأدب، وجمال الأسلوب، وحُسن التوجيه، وبه موضوعان رئيسيَّان؛ أولهما: عن «السُّلطان» أي الإمارة، وما يجب أن يصاحبها من أخلاقٍ وآداب، وثانيهما: «الأصدقاء» وما تقوم عليه الصُّحبة من اللطف وحسن المعاشرة. وقد جاء الكتاب في عصرٍ ازدهرت فيه الكتابة النثرية (العصر العباسي)؛ إذ يُعَدُّ عصرَ التطوُّر الحقيقي للنثر العربي