سرَت الحرية بكل معانيها في عروق الشيخ «محمد الخضر حسين»؛ ففاض خاطرُه بهذه المُسامَرة التي ألقاها في إحدى الندوات بتونس عام ١٩٠٦م. وقد فهم الشيخ معنى «الحرية» في الإسلام فَهمًا دقيقًا، ونافَح عنها حتى وفاته، ضدَّ مَن أرادوا بها كيدًا. والحرية في الإسلام ليست تلك التي تُطلِق للنفس عِنانَ التصرُّف والهوى، ولا هي التي تُقيِّد العقل والمنطق، بل تستند إلى قواعدَ تُراعى بها المصلحةُ العامة لجموع الشعوب، فالحرية في الإسلام تقوم على دعامتَين أساسيتَين، هما «المشورة» و«المساواة»، وهما القاعدتان اللتان جعلهما الإسلامُ أصلَ الحكم فيه؛ فهما تضمنان تمييزَ حقوق الأفراد دون استبداد، وكذلك انتظام أداء حقوق كل الفئات والطبقات الاجتماعية.