«قصص لزجة جدًّا، مطاطة جدًّا، مملَّة جدًّا، وغير هادفة بالمرة، عن أبطال إغريقيين، وكُتُب ملعونة، وهلاوس مُحرَّمة، ومُؤلِّف فاقد للبوصلة، بدأت تُثير سلامة قُواه العقلية شُكوكي، لم يَعُد يجد شيئًا أفضلَ يفعله.»
يكمن الإبداع الأدبي في استطاعة المُؤلِّف سرْدَ التفاصيل التي تبدو مملَّة بشكلٍ يجعل القارئ وكأنه يقاوم نُعاسًا أقبل فجأة، تلك اللحظة التي تَختبر الحكايةُ فيها مدى صبر القارئ على ما تُخبِّئه وراء ستائرها. بوصفها «قصصًا مملَّة جدًّا»، استطاع الكاتب «مهند رحمه» أن يُمهِّد الطريق لرواية قصصِه الاثنتَي عشرة، وأن يجعلها تحت سِياط الاختبار الصعب؛ ففي «ببلومانيا» يَخدع البطلُ المحققَ الجنائي كما يَخدع القُراء، ليمارس طَقسه الشيطاني في بحثه عن المعرفة؛ وفي «العاهرة» نُعايش انفصامًا لربَّة منزلٍ يراها المجتمع كله خائنةً لزوجها، وترى هي خطيئتها أفضلَ ما صنعَته لنفسها؛ وفي «ديجا-فو»، عن طريق ما يُسمَّى بالاسترجاع الفني (فلاش باك)، يتنقَّل الراوي بين لقطاتٍ متناقضة صُنعت لإنقاذ البطل من مصيرٍ كُتِب له.