يحاول محمد أركون أن يثير من خلال العنوان ذكرى الغزالي وابن رشد. وهو يفعل ذلك عن قصد لكي يبيّن حجم الفارق بين جدية المناظرات الفكرية التي حصلت أثناء الفترة الكلاسيكية المبدعة من تاريخ العرب والإسلام، وبين الوضع المؤسف الذي تردّى إليه الفكر الإسلامي المعاصر. لكنه لا يثير ذكرى هذين المفكّرين لكي يتوقف عندهما أو لكي يتبنّى مواقفهما الفكرية ويطبقها على العصر الراهن، إنما ليشير إلى أن روحهما الفكرية القلقة والجادة في البحث عن الحقيقة تبقى ملهمة لنا. وهكذا يقدم لنا مثالاً واضحاً وعملياً على كيفية الاتصال بالماضي والانقطاع عنه في الوقت ذاته. يستخدم في هذا الكتاب المنهجية التاريخية ـ الأنثربولوجية قبل أن يسمح لنفسه باستخلاص نتائج عامة أو حكم فلسفية