حِوارٌ يَدُورُ بَينَ أَبٍ وابْنِهِ حوْلَ المَعانِي المُجرَّدةِ فِي الحَياة، كالسَّعادةِ والنَّجاحِ والشَّجاعةِ والإِخْلاصِ وغَيْرِها … كتَبَه «حافظ إبراهيم» في صُورةِ أَسْئلةٍ وأَجْوبةٍ مُحدَّدةٍ ومُخْتصَرة.
هَكَذا صاغ الشاعِرُ المُفوَّهُ تِلكَ التَّساؤُلاتِ مُتَحرِّيًا المِثالِيَّةَ المُطلَقةَ والرَّغْبةَ فِي إِعْدادِ النَّشْءِ لتَحْقيقِها، فَتَشعُرُ خِلالَ قِراءتِكَ لأَجْوِبتِهِ أنَّكَ في عالَمٍ لَا خَللَ فِيهِ بالفِعْل، عالَمٍ يَلِيقُ بشاعِرٍ يَتمنَّى لَوْ كانَتِ الحَياةُ بهَذِهِ الدِّقةِ والبَساطةِ والوُضُوح. رُبَّما لا تَكْمُنُ قِيمةُ هَذِهِ التَّساؤُلاتِ في طَبِيعتِها الَّتِي تَمِيلُ إلَى المُباشَرةِ وتَختلِفُ كَثِيرًا عَنْ تَساؤُلاتِ الصِّغارِ والنَّشْءِ اليَوْم؛ إنَّما تَكْمُنُ في كَوْنِها صُورةً لرَغْبةِ شاعِرٍ في أنْ يُغيِّرَ العالَمَ إلَى الأَفْضل، كَما هِي صُورةٌ لرُقِيِّ الفِكرِ واللُّغةِ الَّتِي يُمكِنُ أنْ نُخاطِبَ بِها هَذِهِ الفِئةَ العُمْريَّةَ دُونَ تَعْقيدٍ أَوِ ابْتِذال، ويُعَدُّ هَذا العَملُ أَيْضًا واحِدًا مِنَ الأَعْمالِ النَّثْريةِ القَيِّمةِ للشاعِرِ الكَبِير.