هذا الكتاب هو الجزء الثالث من سلسلة إعادة اكتشاف العثمانيين للكاتب التركي إيلبيز أورتايلي وهذه السلسلة عبارة عن تجميع للمقالات والمحاضرات التي قدمها الكاتب في محور التاريخ العثماني عبر وسائل الاتصال والتواصل المتنوعة؛ إنه نوع من رؤية ذات طابع عام عن العثمانيين.يتابع فيها الكاتب إعادة اكتشاف العثمانية من جديد مع إلقائه الضوء على التطورات التاريخية من الأمس إلى المستقبل، يدعوكم أورتايلي هنا بأسلوبه الخاص إلى اكتشاف عالم منطقة البحر المتوسط تحت الإدارة العثمانية كما يدعوكم إلى اكتشاف دور الإدارة العثمانية بالتوازنات الأوربية المتغيرة في القرن الثامن عشر.
يعتبر الكاتب في معرض تقديمه لهذا العمل: أنه من الصعب فهم تاريخ العثمانيين وهويتهم ومعرفتهما من دون فهم تاريخ كل المكونات التي كانت الإمبراطورية العثمانية تتشكل منها، وكذلك فهم هويتها ومعرفتها. من هنا جاء هذا الكتاب ليستعرض الشكل الإداري الذي كان منبعاً في الإمبراطورية العثمانية، ولنظامها القومي والحقوقي وعلاقاتها الدبلوماسية وغير ذلك..."، وهي المهمة التي تنطح لها أورتايلي ليفتح من خلالها النقاش حول النظام السياسي والإداري والقانوني للعثمانيين في منطقتي البلقان والبحر الأسود والقوقاز بالإضافة إلى دول الشرق الأوسط.
تأتي أهمية هذا الكتاب من كون مؤلفه يدعو إلى كتابة التاريخ بأسلوب علمي، فهو يطرح رؤيته هذه من خلال تناول بعض الزوايا من التاريخ العثماني غالباً ما يتم تجاهلها، أو اختزالها، أو تحريفها... ويحاول إثبات هذا من خلال الوثائق المتاحة.
وبهذا المعنى يكون التاريخ رؤية، وتعتمد هذه الرؤية دائماً على وثائق، ويمكن التوصل إلى الكثير من الرؤى اعتماداً على الوثائق نفسها. ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى تمكن الكاتب من الالتزام بالعلمية التاريخية التي يدعو إليها؟ هذا ما سيكتشفه القارئ لهذا الكتاب الذي هو بحد ذاته (موضوع نقاش) ويبدو أن الكاتب يتبنى فكرة هذا النقاش.