«وبعدُ، فهذه نِثارٌ من ذِكرياتي، ما رَجوتُ منها إلا أن أُنادمَك إذا قرأتَها في نهار، أو أُسامرَك إن قرأتَها في مساء، وقد أطلقتُ نفسي تَمتَحُ من مَعينِ الأيامِ ما يَحلو لها، فهي تختارُ ولا تُؤلِّف، والاختيارُ عسيرٌ ولكنَّه ممتعٌ إذا أحسَّ الإنسانُ أنه قالَ ما يجبُ أن يقول.»
حين اقتربَت سنُّ «ثروت أباظة» من السِّتين، رأى أن في أيامِه الماضيةِ ما يَستحقُّ أن يُسجَّلَ على سبيلِ الذِّكرى؛ فنشأتُه في بيتِ أحدِ رِجالاتِ السياسةِ المصرية، والدِه «إبراهيم أباظة باشا»، سَمحَت له بالاختلاطِ بعامةِ الناسِ من جهة، وبنُخبةِ المجتمعِ من جهةٍ أخرى. يبدأُ «ثروت أباظة» سَردَ ذكرياتِه من قريتِه «غزالة» حيثُ المراحلُ الأولى من تعليمِه، ثُم يَروي ذكرياتٍ عن أبيه وأمِّه، وعن علاقتِه بالكتابةِ والكُتابِ منذُ سنِّه الصغيرة، ومَدْحِ «العقاد» لهُ وإعجابِ «طه حسين» بهِ، وقضاءِ سهرتِه الأسبوعيةِ مع «نجيب محفوظ»، وصُحبتِه ﻟ «محمد حسين هيكل» في جولاتِه الطويلةِ مشيًا حولَ رأسِ البر؛ فهي مُقتطَفاتٌ لا تُمثِّلُ ذكرياتٍ فرديةً فحسب، بل هي صَفحاتٌ من تاريخِ مِصر.