منتصف الليل، يدق جرس السفينة. يتحسسك المجهول بعين لا تراها. يقف وراءك ضاحكاً منك وأنت تبحث في زحمة الأشياء عن شيء يشبهك. إنه هنا، جامد في مكانه، يجلس لا مبالياً. وفجأة، دون أي سبب واضح، يثب من مقعده ويهرول إلى الطرقات. يركض ويركض بلا توقف وقد تلبست به حمى الـ “الآموك”.
إلى أين يأخذنا العشق وهو يأتي فجأة مثل حجر في بركة آسنة؟ وكيف سنجاريه وسط عزلتنا واختصامنا الدموي مع العالم؟ سؤال قديم بائس لا تتوقف هذه الرواية عند حد تفجيره، وإنما تتجاوزه إلى البحث فيما يمكن أن تؤدي إليه أبسط الانفعالات الإنسانية، وهي تتشكل داخل نسق سردي استطاع فيه زفايغ أن يتمثل جيداً أطروحات فرويد وانفلاتات دوستوفسكي مطعماً ذلك ببهارات الشرق حيث ترادف العشق مع الجنون منذ قيس ليلى إلى آخر المتصوفين الراكضين على هذه الأرض